اهلا و سهلا

السلام عليكم و رحمة الله اهلا بكم فى مدونة برهان زهران نتمني لكم الاستفادة من العلوم الموجوده بالمدونة و نرجوا ان تفيدونا بمقترحاتكم و تعليقاتكم و راسلونا على
zahransun@yahoo.com
مع تحياتى اخوكم فى الله محمود زهران


السبت، 6 نوفمبر 2010

و استغفر لهم الرسول



يقول الحق سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ النساء 4: 64.
هذه الآيات من المنح الإلاهية للأمة المحمدية، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى المسلمين بأنه قد أذن لهم فى طاعة رسوله وأذن له فى الاستغفار لهم عند اقترافهم الذنوب وربط ذلك بقدومهم إليه واستغفارهم الله أمامه ووعده بقبول استغفاره لهم، فهذه شفاعة للرسول فى أمته فى الدنيا قبل شفاعته لهم فى الآخرة، ثم ذكر الله لهم شرط الإيمان وهو الطاعة والتسليم المطلق للرسول فى قضائه بينهم، وان يوافق ظاهرهم باطنهم فى التسليم والطاعة، وكلتا الآيتان تكريم واضح وتأييد بين للرسول الكريم الذى لا ينطق عن الهوى، كما أن آبات القرآن جميعا - على عكس ما يظن بعض الجاهلين - لا تعطل ولا ينتهى بها كما سيظهر فى التفاسير.
من تفسير الإمام ابن كثير: يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ﴾ أى: فرضت طاعته على من أرسله إليهم وقوله: ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ قال مجاهد: أى لا يطيعه أحد إلا بإذنى. يعنى: لا يطيعهم إلا من وفقته لذلك، كقوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ آل عمران 3: 52، أى: عن أمره وقدره ومشيئته، وتسليطه إياكم عليهم.
وقوله: ﴿وَلَوْ أَنْهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول فيستغفروا الله عنده، ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم، ولهذا قال: ﴿لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾
وقد ذكر جماعة منهم: الشيخ أبو نصر بن الصباغ فى كتابه "الشامل" الحكاية المشهورة عن العُتْبى، قال: كنت جالسا عند قبر النبي ، فجاء أعرابى فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ وقد جئتك مستغفرا لذنبى مستشفعا بك إلى ربى ثم أنشأ يقول:
يا خيرَ من دُفنَت بالقاع أعظُمُه فطاب منْ طيبهنّ القاعُ والأكَمُ
نَفْسى الفداءُ لقبرٍ أنت ساكنُه فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ
ثم انصرف الأعرابى فغلبتنى عينى، فرأيت النبى فى النوم فقال: (يا عُتْبى، الحقْ الأعرابىّ فبشره أن الله قد غفر له).
ذكر هذه الحكاية النووى فى المجموع وفى الإيضاح، وزاد البيتين التاليين:
أنت الشفيع الذي ترجى شفاعته على الصراط إذا ما زلت القدم
وصاحباك فلا أنساهما أبدا منى السلام عليكم ما جرى القلم
هذا هو ما أورده ابن كثير، واستغفار النبى للمسلمين بعد إنتقاله لم يستغربه الصحابة ولم يعترضا على الأعرابى فى طلبه أيضا بخلاف ما يفعله البعض اليوم، والمعنى أن هذه الآية لم تنتهى بانتقال النبى وإنما هى مستمرة إلى يوم الدين.
وتفسير الإمام القشيرى لهذه الآية: ما أَمَرْنَا الرسلَ إلاَّ بدعوة الخلْقِ إلينا. وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ﴾. لو جعلوك ذريعتهم لوصلوا إلينا، ويقال لو لازموا التذلل والافتقار وركبوا مطية الاستغفار لأناخوا بعقوة المبار.
ومن تفسير الإمام الفخر الرازى:
إنما قال: ﴿واستغفر لَهُمُ الرسول﴾ ولم يقل واستغفرت لهم إجلالا للرسول ، وأنهم إذا جاؤه فقد جاؤا من خصه الله برسالته وأكرمه بوحيه وجعله سفيرا بينه وبين خلقه، ومن كان كذلك فان الله لا يرد شفاعته، فكانت الفائدة فى العدول عن لفظ الخطاب إلى لفظ المغايبة ما ذكرناه.
ومن تفسير الجلالين:
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ﴾ بِتَحَاكُمِهِمْ إلَى الطَّاغُوت ﴿جَاءُوك﴾ تَائِبِينَ ﴿فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُول﴾ فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْخِطَاب تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ ، ﴿لَوَجَدُوا الله تَوَّابًا﴾ عَلَيْهِمْ ﴿رَحِيمًا﴾ بِهِمْ.
وتفسير الإمام الثعلبى لهذه الآية: روى الصادق عن على قال: قدم علينا أمرؤ عندما دفنّا رسول الله ثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبى عليه الصلاة والسلام وحثا على رأسه من ترابه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت من الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلموا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فاستغفروا الله واستغفر لَهُمُ الرسول لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً﴾ فقد ظلمت نفسى فجئتك لتستغفر لى فنودى من القبر أنه قد غفر لك.
وتفسير الإمام البيضاوى: ﴿واستغفر لَهُمُ الرسول﴾ واعتذروا إليك حتى انتصبت لهم شفيعاً، وإنما عدل الخطاب تفخيماً لشأنه وتنبيهاً على أن من حق الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع له، ومن منصبه أن يشفع فى كبائر الذنوب.
ومن تفسير الإمام البيضاوى: وروى عن على أنه قال: قدم علينا أعرابى بعدما دفنا رسول الله بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبره وحثا من ترابه على رأسه ثم قال:
يا خير من دفنت فى الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم قال: قد قلت يا رسول الله فسمعنا قولك، ووعيت عن الله فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله عليك ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك﴾ الآية، وقد ظلمت نفسى وجئت أستغفر الله ذنبى، فاستغفر لى من ربى، فنودى من القبر أنه قد غفر لك.
ومن تفسير العلامة الألوسى:
الإشارة: كما أمر الله بطاعة رسوله فى حياته، أمر بطاعة ورثته بعد مماته، وهم العلماء الأتقياء الذين يعدلون فى الأحكام، والأولياء العارفون الذين يحكمون بوحى الإلهام، فالعلماء حُكَّام على العموم، والأولياء حكام على الخصوص، أعنى من تعلق بهم من أهل الإرادة، فمن لم يرض بحكم العلماء، ووجد فى نفسه حرجًا مما قضوا به عليه، ففيه شُبعة من النفاق، وخصلة من المنافقين. ومن لم يرض بحكم الأولياء فقد خرج من دائرتهم، ومن عُش تربيتهم، لأن حكم الرسول عليه الصلاة والسلام وحكم ورثته هو حكم الله، ومن لم يرض بحكم الله خرج عن دائرة الإيمان.
فلا يكمل إيمان العبد حتى لا يجد في نفسه حرجًا من أحكام الله، القهرية والتكليفية، ويُسَلِّم لما يبرز من عنصر القدرة الأزلية، كيفما كان، فقرًا أو غنى، ذلاً أو عزًا، منعًا أو عطاء، قبضًا أو بسطًا، مرضًا أو صحة، إلى غير ذلك من اختلاف المقادير. ويرضى بذلك ظاهرَا وباطنًا،وينسلخ من تدبيره واختياره؛ إلى اختيار مولاه فهو أعلم بمصالحه، وأرحم به من أمه وأبيه: وبالله التوفيق. وهو الهادى إلى سواء الطريق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق