اهلا و سهلا

السلام عليكم و رحمة الله اهلا بكم فى مدونة برهان زهران نتمني لكم الاستفادة من العلوم الموجوده بالمدونة و نرجوا ان تفيدونا بمقترحاتكم و تعليقاتكم و راسلونا على
zahransun@yahoo.com
مع تحياتى اخوكم فى الله محمود زهران


الخميس، 2 ديسمبر 2010

حب طه


على اثر الاعتداء على رسولنا العظيم ثارت مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تعبر عن سخطها ورفضها لهذا السلوك العدوانى الظالم وهى ثورة ناتجة فى أساسها عن حب المسلمين لنبيهم الكريم وهو شيئ محمود إلا أن هذا الحب عند تمحيصه والتأمل فى حقيقته يتبين أنه لا يرقى الى المستوى المطلوب وهو ما أحاول بيانه فمحبة النبى واجبه علينا فهى ليست كسائر المحبة لأى شخص بل هى عبادة عظيمة نعبد بها الله عز وجل ونتقرب بها إليه وأصل عظيم من أصول الدين ودعامة أساسية من دعائم الإيمان كما قال تعالى ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾،وكما قال رسول الله (والذي نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين). البخارى فحبه زادنا إلى الله, وشفاء قلوبنا, ونور حياتنا, وسعادة أفئدتنا .
وفي الصحيح أيضاً أن سيدنا عمر قال: يا رسول الله، والله لأنت أحب إلىَّ من كل شيئ إلا من نفسى، فقال : (لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك) فقال: يا رسول الله والله لأنت أحب إلىَّ من كل شيئ حتى من نفسى، فقال : (الآن يا عمر).
إذن فمحبة النبى ليست أمرا ثانويا أو أمرا مخير فيه إن شاء المرء أحبه وإن شاء لم يحبه بل هى واجب على كل مسلم ومسلمة وهى من صميم الإيمان ولابد لهذا الحب أن يكون أقوى من أى حب ولو كان حب المرء لنفسه فالمحبه ليست قناعة عقليه فقط بل هي مزيج من أحساسيس فعليه تعصف بالقلب فتذيقه حلاوة الايمان وعظمته وكما قال الإمام فخر الدين:
ولو كانت قلوب الناس ملئ بحب المصطفى كانت وكاها
والوكاء هو الغطاء المحكم.
فالله احبه وأثنى عليه وقرن اسمه به فما بالك نحن ؟؟؟ وقد وصفه جل وعلا قائلا فى محكم تنزيله ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾، ولذلك أرجأ استجابة دعوته شفاعة لأمته غدا يوم القيامة فياله من كرم ويالها رحمه، ولقد ضرب لنا صحابه رسول الله العديد من الامثال فى محبته سجلها التاريخ لنا واروى لكم منها ما قاله سيدنا على بن ابى طالب حين افتدى رسول الله بنومه فى فراشه ليلة أن أراد المشركون قتله، فقال: كان والله أحب إلينا من أموالنا واولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ.
وأيضاً قصة قتل زيد بن الدثنة، قال ابن إسحاق: اجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب؛ فقال له أبو سفيان حين قدم ليُقتل: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا الآن فى مكانه الذى هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس فى أهلى. قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدٍ محمدا.
وكما أخرج الطبراني وحسنه عن أم المؤمنين السيدة عائشة قالت: جاء رجل إلى النبى فقال: "يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسى، وإنك لأحب إلى من ولدى، وإنى لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتى فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتى وموتك عرفت انك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأنى إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد عليه النبي شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم...﴾ الآية" ولايفوتكم ما أخرجه ابن إسحاق: عن سعد بن أبى وقاص قال: مر رسول الله بامرأة من بنى دينار وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله بأحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله ؟
قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه. قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل -أى هينة. فأين نحن اليوم من هكذا محبة!!!
هذا و من يريد المزيد عليه بزيارة ذلك الرابط
http://almagalla.info/2010/nov12.htm#1

السبت، 6 نوفمبر 2010

هذا حديث مكذوب !!


يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمبن عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:
من العجيب فى هذا العصر أن هناك من إذا حدثته بحديث لا يوافق هواه فأول ما يتفوه به يقول هذا حديث مكذوب أو موضوع أو ضعيف أو لم يرد، أواثق هذا من نفسه بأنه حفظ كل كلمة عن حضرة النبى ، ألم يعلم بأن النبى عاش من عمر الرسالة ثلاثا وعشرين عاما، كل كلمة تفوه بها حديثا وكل فعل أتى به حديث وكل إشارة أتى بها حديث، أحفظ كل هذا حتى أنه حينما يسمع حديثا ما، يحكم عليه فى الحال، إنه لشئ عجاب، أو لم يعلم هذا عاقبة ما يقوله؟ ألم يسمع قول حبيب الله أن من كذب بأحاديثه فليتبوأ مقعده من النار؟ ألم يسمع قول المولى تبارك وتعالى ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾؟ المرسلات 15، تأمل قوله تعالى بأن الويل للمكذبين وليس للكذابين، حيث يخطئ البعض فيظنون أن الكذب والتكذيب شيئ واحد، والواقع أن المكذبين أشد وطأة وأصعب حالا، لأنهم ينكرون كلام الله ورسوله فهم كافرون به، على اختلاف مع الكذابين الذين يكذبون فيوارون الحقيقة، فالمكذب والمنكر للصلاة كافر، أما من يكذب بشأن صلاته فهو عاصى، فإن كان الكذب مذموم قبيح فكيف بالتكذيب؟ ولذلك فقد كرر المولى سبحانه وتعالى أية الوعيد بالويل للمكذبين الذين أتى عليهم يوم القيامة وهم لا يزالون فى تكذيبهم، كررها المولى فى سورة المرسلات عشر مرات ومرة أخرى فى سورة المطففين، والآية فيها الوعد والوعيد الإِلهيين الشديدين بالويل الذى هو واد فى جهنم تستغيث جهنم من حره؛ للمكذبين بما يجب التصديق به من أركان الإِيمان، وبكلام الله ورسوله، والخطر كل الخطر لمن يقع تحت طائلة هذه الآية فيستخف بكلام النبى أو لا يحترمه إعجابا برأيه أو ظنا منه أنه يحسن صنعا، والعجيب كل العجب أنك إن سألت أحدهم لماذا تقول أن هذا الحديث مكذوب؟ تجده يجيب بكل بساطة لأنه لا يتفق مع العقل!! فأى رجل هذا؟ وأى عقل عقله؟ وأى لب لبه؟ وأى علم؟ وأى خبرة؟ وكم من عمره أفناه فى طاعة الله؟ حتى يكون له الجرأة على أحاديث الرسول فيقيمها برأيه!! فما أتعسهم يوم الحساب يوم تتقطع بهم الأسباب!
فيجب أن نعرف كيف يكون التعامل مع الأحاديث حتى التى نشك فيها طالما اننا لا نملك دليلا قاطعا على ضعف الرواية او رتبة الحديث، حيث أن الأئمة السابقين اتفقوا على ألا يقروا بضعف حديث إلا بإجماع الأئمة وليس برأى واحد منهم خوفا من خطأه، فتجدهم يوردون فى كتبهم ما لم يجمع على ضعفه او عدم صحته، والمعروف أن الحديث الضعيف ضعفه فى سلسلة رواته وليس فى متنه، وحتى الأحاديث الضعيفة التى لا يؤخذ بها فى الأحكام فإنه يؤخذ بها فى فضائل الأعمال، ولكن هذه الأحكام لدينا فيها المذاهب الفقهية الأربعة التى لم تدع حكما إلا وأتت فيه بالخبر اليقين، وبالتالى فالخطر الشديد يكمن فى إنكار سنة المصطفى بجهل وبدون داع، وتجد الغر من الناس يقول لك هذا حديث مكذوب لمجرد أنه سمع ذلك من أحدهم او أنه قرأ ذلك فى كتاب واحد بدون علم او سند أو كتاب مبين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولذلك يقول أئمة الحديث أن كنوزا من الحديث ضاعت علينا بسبب ضعف الرواة بعدم تركيزهم أو عدم حفظهم أو عدم درايتهم بفن الحديث، لذلك كان الأولى بالناس أن يتجنبوا الإنكار والتعرض للصحابة الكرام بدون علم، وأن يكون رأيهم "ربما أو لا أعلم"، ولذلك يشرح لنا الإمام فخر الدين كيف التصرف فيقول:
وتجنبوا إنكار حرف واحد عزل الكرام مزلة الأقدام
بل قد يكون وربما ولعله أو ليس عندى كامل الإلمام
ومن لم يفعل ذلك فليخشى على نفسه يوم الموقف العظيم يوم يقف امام من تجرأ عليهم وأمام المصطفى ويختصموه أما العزيز المقتدر، وفى هذا يقول الإمام فخر الدين :
كل قوم كَذَّبوا قد عُذِّبوا أُخذوا أخذ العزيز المقتدر
إنما الساعة ميقات لهم وعدوها وهى أدهى وأمر
خشعا أبصار قوم كذَّبوا خرجوا مثل الجراد المنتشر
ثم تعالوا بنا إلى أحاديث المصطفى فى شأن المكذبين بأحاديثه:
روى المقدام بن معديكرب قال: قال : (ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عنى وهو متكئ على أريكته، فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله). الترمذى وابن ماجه والدارمى ومسند أحمد.
وفيما أخرج البخارى فى صحيحه عن المغيرة قال سمعت النبي يقول إن كذبا على ليس ككذب على أحد من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
وعن بن عباس عن النبى قال: (من قال فى القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار). البخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه والحاكم والطبرانى والسيوطى وكنز العمال.
وعن سيدنا جابر بن عبد الله قال قال : من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب ثلاثة كذب الله ورسوله والذى حدث به). الطبرانى والسيوطى وابن عساكر وكنز العمال.
وعن العرباض بن سارية السلمى رضى الله عنه قال: نزلنا مع النبى خيبر ومعه من معه من أصحابه وكان صاحب خيبر رجلا ماردا منكرا فأقبل إلى النبى فقال: يا محمد ألكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمارنا وتضربوا نساءنا فغضب النبى وقال : (يا ابن عوف اركب فرسك ثم ناد إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وأن اجتمعوا للصلاة). قال: فاجتمعوا ثم صلى بهم النبى ثم قام فقال: (أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله عز وجل لم يحرم شيئا إلا ما فى هذا القرآن ألا وإنى والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر وإن الله عز وجل لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذى عليهم). أبو داود والبيهقى والطبرانى.

و استغفر لهم الرسول



يقول الحق سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ النساء 4: 64.
هذه الآيات من المنح الإلاهية للأمة المحمدية، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى المسلمين بأنه قد أذن لهم فى طاعة رسوله وأذن له فى الاستغفار لهم عند اقترافهم الذنوب وربط ذلك بقدومهم إليه واستغفارهم الله أمامه ووعده بقبول استغفاره لهم، فهذه شفاعة للرسول فى أمته فى الدنيا قبل شفاعته لهم فى الآخرة، ثم ذكر الله لهم شرط الإيمان وهو الطاعة والتسليم المطلق للرسول فى قضائه بينهم، وان يوافق ظاهرهم باطنهم فى التسليم والطاعة، وكلتا الآيتان تكريم واضح وتأييد بين للرسول الكريم الذى لا ينطق عن الهوى، كما أن آبات القرآن جميعا - على عكس ما يظن بعض الجاهلين - لا تعطل ولا ينتهى بها كما سيظهر فى التفاسير.
من تفسير الإمام ابن كثير: يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ﴾ أى: فرضت طاعته على من أرسله إليهم وقوله: ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ قال مجاهد: أى لا يطيعه أحد إلا بإذنى. يعنى: لا يطيعهم إلا من وفقته لذلك، كقوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ آل عمران 3: 52، أى: عن أمره وقدره ومشيئته، وتسليطه إياكم عليهم.
وقوله: ﴿وَلَوْ أَنْهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول فيستغفروا الله عنده، ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم، ولهذا قال: ﴿لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾
وقد ذكر جماعة منهم: الشيخ أبو نصر بن الصباغ فى كتابه "الشامل" الحكاية المشهورة عن العُتْبى، قال: كنت جالسا عند قبر النبي ، فجاء أعرابى فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ وقد جئتك مستغفرا لذنبى مستشفعا بك إلى ربى ثم أنشأ يقول:
يا خيرَ من دُفنَت بالقاع أعظُمُه فطاب منْ طيبهنّ القاعُ والأكَمُ
نَفْسى الفداءُ لقبرٍ أنت ساكنُه فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ
ثم انصرف الأعرابى فغلبتنى عينى، فرأيت النبى فى النوم فقال: (يا عُتْبى، الحقْ الأعرابىّ فبشره أن الله قد غفر له).
ذكر هذه الحكاية النووى فى المجموع وفى الإيضاح، وزاد البيتين التاليين:
أنت الشفيع الذي ترجى شفاعته على الصراط إذا ما زلت القدم
وصاحباك فلا أنساهما أبدا منى السلام عليكم ما جرى القلم
هذا هو ما أورده ابن كثير، واستغفار النبى للمسلمين بعد إنتقاله لم يستغربه الصحابة ولم يعترضا على الأعرابى فى طلبه أيضا بخلاف ما يفعله البعض اليوم، والمعنى أن هذه الآية لم تنتهى بانتقال النبى وإنما هى مستمرة إلى يوم الدين.
وتفسير الإمام القشيرى لهذه الآية: ما أَمَرْنَا الرسلَ إلاَّ بدعوة الخلْقِ إلينا. وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ﴾. لو جعلوك ذريعتهم لوصلوا إلينا، ويقال لو لازموا التذلل والافتقار وركبوا مطية الاستغفار لأناخوا بعقوة المبار.
ومن تفسير الإمام الفخر الرازى:
إنما قال: ﴿واستغفر لَهُمُ الرسول﴾ ولم يقل واستغفرت لهم إجلالا للرسول ، وأنهم إذا جاؤه فقد جاؤا من خصه الله برسالته وأكرمه بوحيه وجعله سفيرا بينه وبين خلقه، ومن كان كذلك فان الله لا يرد شفاعته، فكانت الفائدة فى العدول عن لفظ الخطاب إلى لفظ المغايبة ما ذكرناه.
ومن تفسير الجلالين:
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ﴾ بِتَحَاكُمِهِمْ إلَى الطَّاغُوت ﴿جَاءُوك﴾ تَائِبِينَ ﴿فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُول﴾ فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْخِطَاب تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ ، ﴿لَوَجَدُوا الله تَوَّابًا﴾ عَلَيْهِمْ ﴿رَحِيمًا﴾ بِهِمْ.
وتفسير الإمام الثعلبى لهذه الآية: روى الصادق عن على قال: قدم علينا أمرؤ عندما دفنّا رسول الله ثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبى عليه الصلاة والسلام وحثا على رأسه من ترابه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت من الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلموا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فاستغفروا الله واستغفر لَهُمُ الرسول لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً﴾ فقد ظلمت نفسى فجئتك لتستغفر لى فنودى من القبر أنه قد غفر لك.
وتفسير الإمام البيضاوى: ﴿واستغفر لَهُمُ الرسول﴾ واعتذروا إليك حتى انتصبت لهم شفيعاً، وإنما عدل الخطاب تفخيماً لشأنه وتنبيهاً على أن من حق الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع له، ومن منصبه أن يشفع فى كبائر الذنوب.
ومن تفسير الإمام البيضاوى: وروى عن على أنه قال: قدم علينا أعرابى بعدما دفنا رسول الله بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبره وحثا من ترابه على رأسه ثم قال:
يا خير من دفنت فى الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم قال: قد قلت يا رسول الله فسمعنا قولك، ووعيت عن الله فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله عليك ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك﴾ الآية، وقد ظلمت نفسى وجئت أستغفر الله ذنبى، فاستغفر لى من ربى، فنودى من القبر أنه قد غفر لك.
ومن تفسير العلامة الألوسى:
الإشارة: كما أمر الله بطاعة رسوله فى حياته، أمر بطاعة ورثته بعد مماته، وهم العلماء الأتقياء الذين يعدلون فى الأحكام، والأولياء العارفون الذين يحكمون بوحى الإلهام، فالعلماء حُكَّام على العموم، والأولياء حكام على الخصوص، أعنى من تعلق بهم من أهل الإرادة، فمن لم يرض بحكم العلماء، ووجد فى نفسه حرجًا مما قضوا به عليه، ففيه شُبعة من النفاق، وخصلة من المنافقين. ومن لم يرض بحكم الأولياء فقد خرج من دائرتهم، ومن عُش تربيتهم، لأن حكم الرسول عليه الصلاة والسلام وحكم ورثته هو حكم الله، ومن لم يرض بحكم الله خرج عن دائرة الإيمان.
فلا يكمل إيمان العبد حتى لا يجد في نفسه حرجًا من أحكام الله، القهرية والتكليفية، ويُسَلِّم لما يبرز من عنصر القدرة الأزلية، كيفما كان، فقرًا أو غنى، ذلاً أو عزًا، منعًا أو عطاء، قبضًا أو بسطًا، مرضًا أو صحة، إلى غير ذلك من اختلاف المقادير. ويرضى بذلك ظاهرَا وباطنًا،وينسلخ من تدبيره واختياره؛ إلى اختيار مولاه فهو أعلم بمصالحه، وأرحم به من أمه وأبيه: وبالله التوفيق. وهو الهادى إلى سواء الطريق.

الجمعة، 22 أكتوبر 2010

تعظيم الحبيب


من علماء أهل المغرب ومن أئمة أهل الحديث فى عصره هو القاضى عياض، كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، وها نحن قد قاربنا إلى نهاية القرن التاسع على رحيله، وللاستزادة فى المعرفة عن هذا العالم الجليل ممكن الرجوع إلى كتاب الأعلام للزركلى، ونجد هذا العالم الجليل أفرد لنا كتابا من أهم المراجع الدينية التى تتحدث عن الحبيب المصطفى وذلك من حيث صفاته وخصائصه وأوصافه وهو كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" وما قصدته هنا هو أن أضع بين أيدكم بعض سطور من هذا الكتاب، والتى تحدث فيها عن تعظيم الحبيب المصطفى وإقسام الله تعالى بحياته، فقال ما نصه:
قال الله تعالى ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ الحجر (72) اتفق أهل التفسير فى هذا أنه قسم من الله بمدة حياة محمد ، وأصله ضم العين من العمر ولكنها فتحت لكثرة الاستعمال، ومعناه: وبقائك يا محمد، وقيل وعيشك، وقيل: وحياتك، وهذه نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف.
قال ابن عباس : ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد .
وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره، وقال أبو الجوزاء: ما أقسم الله تعالى بحياة أحد غير محمد قال ابن عباس : ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد لأنه أكرم البرية عنده، وقال تعالى ﴿يس والقرآن الحكيم﴾ يس (1, 2) الآيات، اختلف المفسرون فى معنى ﴿يس﴾ على أقوال، فحكى أبو محمد مكى روى ابن عباس عن النبى أنه قال: (لى عند ربى عشرة أسماء) ذكر منها أن طه ويس اسمان له، وحكى أبو عبد الرحمان السلمى عن جعفر الصادق: "أنه أراد (يا سيد) مخاطبة لنبيه. وعن ابن عباس (يس) يا إنسان أراد محمدا، وقال هو قسم. وقال الزجاج قيل معناه (يا محمد) وقيل (يا رجل) وقيل (يا إنسان)، وعن ابن الحنفية: يس يا محمد. وعن كعب: يس قسم أقسم الله تعالى به قبل أن يخلق السماء والأرض بألفى عام يا محمد إنك لمن المرسلين، ثم قال (والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين) فإن قدر أنه من أسمائه قال ابن عباس : وصح فيه أنه قسم كان فيه من التعظيم ما تقدم، ويؤكد فيه القسم عطف القسم الآخر عليه وإن كان بمعنى النداء فقد جاء قسم آخر بعده لتحقيق رسالته والشهادة بهدايته، أقسم الله تعالى باسمه وكتابه أنه لمن المرسلين بوحيه إلى عباده وعلى صراط مستقيم من إيمانه، أى طريق لا اعوجاج فيه ولا عدول عن الحق، قال النقاش: لم يقسم الله تعالى لأحد من أنبيائه بالرسالة فى كتابه إلا له . وفيه من تعظيمه وتمجيده على تأويل من قال إنه (يا سيد) ما فيه، وقد قال قال ابن عباس عنه : (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وقال تعالى ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ البلد (1، 2) قيل لا أقسم به إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه حكاه مكى، وقيل لا زائدة أى أقسم به وأنت به يا محمد حلال أو حل لك ما فعلت فيه على التفسيرين، والمراد بالبلد عند هؤلاء مكة، وقال الواسى: أى يحلف لك بهذا البلد الذى شرفته بمكانك فيه حيا، وببركتك ميتا يعنى المدينة، والأول أصح لأن السورة مكية وما بعده يصححه قوله تعالى ﴿حل بهذا البلد﴾ ونحوه قول ابن عطاء فى تفسير قوله تعالى ﴿وهذا البلد الأمين﴾ قال: أمنها الله تعالى بمقامه فيها وكونه بها فإن كونه أمان حيث كان ثم قال تعالى ﴿ووالد وما ولد﴾ من قال أراد آدم فهو عام ومن قال هو إبراهيم وما ولد فهى إن شاء الله تعالى إشارة إلى محمد فتتضمن السورة القسم به فى موضعين. وقال تعالى ﴿الم ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾ البقرة (1، 2) قال ابن عباس: هذه الحروف أقسام أقسم الله تعالى بها، وعنه وعن غيره فيها غير ذلك وقال سهل بن عبد الله التسترى: الألف هو الله تعالى واللام جبرئيل والميم محمد ، وحكى هذا القول السمرقندى ولم ينسبه إلى سهل وجعل معناه الله أنزل جبريل على محمد بهذا القرآن لا ريب فيه، وعلى الوجه الأول يحتمل القسم أن هذا الكتاب حق لا ريب فيه، ثم فيه من فضيلة قرآن اسمه باسمه نحو ما تقدم، وقال ابن عطاء فى قوله تعالى ﴿ق والقرآن المجيد﴾ أقسم بقوة قلب حبيبه محمد حيث حمل الخطاب والمشاهدة ولم يؤثر ذلك فيه لعلو حاله، وقيل هو اسم للقرآن، وقيل هو اسم لله تعالى، وقيل جبل محيط بالأرض، وقيل غير هذا، وقال جعفر بن محمد فى تفسير ﴿والنجم إذا هوى﴾ إنه محمد وقال: النجم قلب محمد ، هوى انشرح من الأنوار وقال انقطع عن غير الله وقال ابن عطاء فى قوله تعالى ﴿والفجر وليال عشر﴾ الفجر محمد لأن منه تفجر الإيمان.
من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى بتصرف.
ذلك و من يريد المزيد عليه بزيارة ذلك الرابط
http://almagalla.info/2009/dec12.htm

الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

و سراجا منيرا


يقول الحق سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا • وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ الأحزاب 33: 45-46.
من تفسير الألوسى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ على من بعثت إليهم تراقب أحوالهم وتشاهد اعمالهم وتتحمل عنهم الشهادة بما صدر عنهم من التصديق والتكذيب وسائر ما هم عليه من الهدى والضلال وتؤديها يوم القيامة أداء مقبولاً فيما لهم وما عليهم، وهو حال مقدرة وإن اعتبر الإرسال أمراً ممتداً لاعتبار التحمل والآداء فى الشهادة، والإرسال بذلك الاعتبار وإن قارن التحمل إلا أنه غير مقارن للإداء وإن اعتبر الامتداد.
وقيل: بإطلاق الشهادة على التحمل فقط تكون الحال مقارنة والأحوال المذكورة بعد على اعتبار الامتداد مقارنة، ولك أن لا تعتبره أصلاً فتكون الأحوال كلها مقدرة، ثم أن تحمل الشهادة على من عاصره واطلع على عمله أمر ظاهر، وأما تحملها على من بعده باعيانهم فإن كان مراداً أيضاً ففيه خفاء لأن ظاهر الأخبار أنه لا يعرف أعمال من بعده بأعيانهم، وروى أبو بكر. وأنس. وحذيفة. وسمرة. وأبو الدرداء عنه : (ليردن على ناس من أصحابى الحوض حتى إذا رأيتهم وعرفتهم اختلجوا دونى فأقول: يا رب أصيحابى أصيحابى فيقال لى: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك). نعم قد يقال: إنه يعلم بطاعات ومعاص تقع بعده من أمته لكن لا يعلم أعيان الطائعين والعاصين، وبهذا يجمع بين الحديث المذكور وحديث عرض الأعمال عليه كل أسبوع أو أكثر أو أقل، وقيل: يجمع بانه يعلم الأعيان أيضاً إلا أنه نسى فقال: أصيحابى، ولتعظيم قبح ما أحدثوا قيل له: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك، وقيل: يعرض ما عدا الكفر وهو كما ترى، وأما زعم أن التحمل على من بعده إلى يوم القيامة لما أنه حى بروحه وجسده يسير حيث شاء فى أقطار الأرض والملكوت فمبنى على ما علمت حاله، ولعل فى هذين الخبرين ما يأباه كما لا يخفى على المتدبر، وأشار بعض السادة الصوفية إلى أن الله تعالى قد أطلعه على أعمال العباد فنظر إليها ولذلك أطلق عليه شاهد. قال مولانا جلال الدين الرومى قدس سره العزيز فى مثنويه، فتأمل ولا تغفل، وقيل: المراد شاهداً على جميع الأمم يوم القيامة بأن أنبيائهم قد بلغوهم الرسالة ودعوهم إلى الله تعالى، وشهادته بذلك لما علمه من كتابه المجيد، وقيل: المراد شاهداً بأن لا إله إلا الله.
﴿وَمُبَشّراً﴾ تبشر الطائعين بالجنة ﴿وَنَذِيرًا﴾ تنذر الكافرين والعاصين بالنار، ولعموم الإنذار وخصوص التبشير قيل: مبشراً ونذيراً على صيغة المبالغة دون ’ومنذراً‘ مع أن ظاهر عطفه على ﴿مُبَشّرًا﴾ يقتضى ذلك وقدم التبشير لشرف المبشرين ولأنه المقصود الأصلى إذ هو رحمة للعالمين وكأنه لهذا جبر ما فاته من المبالغة بقوله تعالى: ﴿وَبَشّرِ المؤمنين﴾ الأحزاب 33: 47.
﴿وَدَاعِياً إِلَى الله﴾ أى إلى الإقرار به سبحانه وبوحدانيته وبسائر ما يجب الإيمان به من صفاته وأفعاله عز وجل، ولعل هذا هو مراد ابن عباس. وقتادة من قولهما: أى شهادة أن لا إله إلا الله.
﴿بِإِذْنِهِ﴾ أى بتسهيله وتيسيره تعالى، وأطلق الاذن على التسهيل مجازاً لما أنه من أسبابه لا سيما الإذن من الله عز وجل ولم يحمل على حقيقته وإن صح هنا أن يأذن الله تعالى شأنه له حقيقة فى الدعوة لأنه قد فهم من قوله سبحانه: إنا أرسلناك داعياً أنه مأذون له فى الدعوة، ومما ذكر يعلم أن ﴿بِإِذْنِهِ﴾ من متعلقات داعياً، وقيدت الدعوة بذلك إيذاناً بأنها أمر صعب المنال وخطب فى غاية الأعضال لا يتأتى إلا بإمداد من جناب قدمه كيف لا وهو صرف للوجوه عن القِبَل المعبودة وادخال للأَعناق فى قلادة غير معهودة، وجوز رجوع القيد للجميع والأول أظهر.
﴿وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾ بستضيء به الضالون فى ظلمات الجهل والغواية ويقتبس من نوره أنوار المهتدين إلى مناهج الرشد والهداية، وهو تشبيه إما مركب عقلى أو تمثيلى منتزع من عدة أمور أو مفرق، وبولغ فى الوصف بالإنارة لأن من السرج ما لا يضيء إذا قل سليطه ودقت فتيلته.
وقال الزجاج: هو معطوف على شاهداً بتقدير مضاف أى ذا سراح منير، وقال الفراء: إن شئت كان نصباً على معنى وتاليا سراجاً منيراً، وعليهما السراح المنير القرآن، وإذا فسر بذلك احتمل على ما قيل أن يعطف على كاف ﴿أرسلناك﴾ على معنى أرسلناك والقرآن إما على سبيل التبعية وإما من باب متقلداً سيفاً ورمحاً، وقيل: إنه على تقدير تالياً سراجاً يجوز هذا العطف أى إنا أرسلناك وتالياً سراجاً كقوله تعالى : ﴿يَتْلُو صَفْحاً مُّطَهَّرَةٍ﴾ البينة 98: 2، على أنه الجامع بين الآمرين على نحو ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً﴾ الأنبياء 21: 48، أى أرسلنا بإرسالك تالياً.
وجوز أن يراد وجعلناك تالياً، وقيل: يجوز أن يراد بذا سراج القرآن وحينئذ يكون التقدير إنا أرسلناك وأنزلنا عليك ذا سراج. وتعقب بأن جعل القرآن ذا سراج تعسف، والحق أن كل ما قيل كذلك. بمعنى أنه سراجا منيرا بنفسه أو بنور النبوة فيه
ومن تفسير ابن عجيبة:
يقول الحق جلّ جلاله: ﴿يا أيها النبيُّ إِنَّا أرسلناك شاهداً﴾ على مَن بُعثتَ إليهم، على تصديقهم وتكذيبهم، أى: مقبولاً قولك عند الله، لهم وعليهم، كما يُقبل قول الشاهد العدل فى الحكْم، ﴿ومبشراً﴾ للمؤمنين بالنعيم المقيم، ﴿ونذيراً﴾ للكافرين بالعذاب الأليم، ﴿وداعياً إِلى الله﴾ إلى الإقرار بربوبيته، وتوحيده، وما يجب الإيمان به، من صفاته، ووعده، ووعيده، ﴿بإِذْنِهِ﴾ بأمره، أو: بتيسيره. وقيّد به الدعوى إيذاناً بأنه أمر صعب، لا يتأتى إلا بمعونةٍ من جناب قدسه، ﴿وسِراجاً منيراً﴾ يُستضاء به فى ظلمة الجهالة، وتُقتبس من نوره أنوار الهداية، قد جلى به الله ظلمات الشرك، واهتدى به الضالون، كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير، ويهتدى به. وقيل: المراد به القرآن، فيكون التقدير: وذا سراج. ووُصف بالإنارة؛ لأن من السُرج مَن لا يضيء جدًّا إذا قلّ سَلِيطُه، أى: زيته ورقَّت فتيلته. أو: شاهداً بوحدانيتنا، ومبشراً برحمتنا، ونذيراً بنقمتنا، وداعياً إلى عبادتنا، وسراجاً تُنير الطريقَ إلى حضرتنا.
ويقول الزمخشرى والبحر المديد: أمدّ الله بنور نبوّته نور البصائر، كما يمدّ بنور السراج نور الأبصار.
يقول البيضاوى: ﴿سراجا منيرا﴾ يستضاء به عن ظلمات الجهالات ويقتبس من نوره أنوار البصائر.
هذا و من يريد المزيد عليه بزيارة ذلك الرابط
http://almagalla.info/index.htm

الخميس، 2 سبتمبر 2010

كان .. ما .. كان



من أولى العزم من الرسل: نبى الله نوح
اسمه عبد الغفار ومن كثرة بكائه سموه نوح، وقالوا فى معنى نوح إنه يبكى بصوت، فقد كان شديد الخوف من الله سبحانه وتعالى، ومن شدة خوفه عاش ألف سنة إلا خمسين فى الخلاء لا يملك بيتًا يأوى إليه، ولما سئل: أنت أطول الأنبياء عمراً فعمرك الطويل ده عملت فيه إيه؟ شفت إيه من أحوال الدنيا؟ قال: كأننى دخلت فى بيت له بابان، فدخلت من باب وخرجت من الآخر.
وقيل فى سبب نوحه أنه رأى كلبًا له أربعة أعين فقال: إن هذا الكلب شنيع، فقال له الكلب: يا عبد الغفار، أتعيب النقش أم النقَّاش؟! فإن كان العيب على النقش فإن الأمر لو كان إلىَّ ما أخذت أن أكون كلبًا، وإن كان العيب على النقَّاش فهو لا يلحقه عيب لأنه يفعل ما يشاء. فكان كلما ذكر ذلك ينوح ويبكى.
روى أنه عند بلوغ سيدنا نوح أربعمائة وثمانون سنة أتاه سيدنا جبريل فقال له سيدنا نوح : من أنت أيها الرجل البهى؟ قال له: أنا رسول رب العالمين جئتك بالرسالة من عنده، وقد بعثك الله إلى قومك، قال تعالى ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. قال له جبريل: امضِ إلى عدو الله درمشيل بن فوميل بن جيج بن قابيل بن آدم، وكان درمشيل جبارًا عنيدًا، وكان هو وقومه يعبدون الأصنام الخمسة وهى ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهى التى ذكرت فى القرآن العظيم، وكان لهذه الأصنام خدام يخدمونها بالليل والنهار وكان لها عيدًا معلوم فى السنة يجتمعون فيه، يوقدون النار حولها ويرقصون ويشربون الخمر ويزنون بالنساء جهارًا، فخرج إليهم سيدنا نوح فى ذلك اليوم ووقف على تلٍّ عالٍ ورفع رأسه إلى السماء داعيًا الله أن ينصره على هؤلاء القوم، ثم صاح بأعلى صوته يا أيها القوم، إنى قد جئتكم من عند رب العالمين أدعوكم لعبادته وأنهاكم عن عبادة الأصنام، فلما صاح نوح هذه الصيحة بلغ صوته المشرق والمغرب ففزع القوم وغشى على الملك درمشيل، فلما أفاق من غشيته قال لمن حوله ما الذى سمعتموه؟! فقالوا هذا صوت رجل يقال له نوح وهو مجنون وفى عقله خلل فقال لهم ائتونى به، فجاءت أعوان الملك به وأوقفوه بين يدى الملك، فقال الملك له: من أنت، قال: أنا نوح رسول رب العالمين قد جئتكم بالرسالة لتؤمنوا بالله وحده وتتركوا عبادة هذه الأصنام، واستشعر الملك عظمة سيدنا نوح وهابه فقال له: إن كان بك جنون نداويك، وإن كنت فقيرًا نواسيك، وإن كنت مدينا قضينا عنك دينك، فقال سيدنا نوح له: ما بى من جنون ولا أنا فقير ولا على ديون، وإنما أنا رسول رب العالمين، فلما سمع الملك كلامه غضب وقال: لولا أنه يوم عيد لقتلتك شر قتله.
فصار سيدنا نوح يخرج إلى القوم كل يوم وينادى يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره لا شريك له، فيخرج عليه القوم يضربونه بالعصى ويرمونه بالحجارة فيغشى عليه ويغيب عن الدنيا فيجرونه إلى المزابل ويلقونه عليها، ولما يفيق يمسح الدماء عن وجهه ويغتسل ويصلى لله ويقول اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون، فأقام على ذلك نحو ثلاثمائة سنة، وهلك درمشيل وتولى ابنه بعده فكان أطغى من أبيه، وظل سيدنا نوح على دعوته والقوم على حالهم، فكان كلما سمعوا صوت سيدنا نوح وضعوا أصابعهم فى آذانهم، فيشير إليهم بإصبعه السبابة إشارة تعنى أن الله واحد فيغطوا رؤوسهم بثيابهم وفى هذا يقول المولى تبارك وتعالى ﴿وَإِنِّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِى آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ وهلك الملك وتولى إبنه فكان أشد طغياناً من أبيه وجده، وروى أنه أثناء دعوة سيدنا نوح لقومه قابل جمع من الناس بينهم طفل صغير يحمله أبيه وظلوا يشتمون سيدنا نوح ويضربونه، فسأل الطفل أبيه عما يحدث من هذا الرجل فحكى له، فأشار على أبيه أن يقصوا لسانه، فتأكد سيدنا نوح أنه ليس هناك سبيل لإيمان هؤلاء فدعى الله تعالى بقوله ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا • إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ فعند ذلك أوحى الله إليه أن اصنع الفُلك، فقال سيدنا نوح : وما الفُلك؟ هو بيت من الخشب يجرى على وجه الماء، وقيل أن الله سبحانه وتعالى أمره أن يغرس فى الأرض خشب الساج وقيل الأبنوس فغرسه وأقام حتى أصبح أشجارًا.
أمر الله تعالى سيدنا نوح أن يصنع الفلك، فتساءل سيدنا نوح عن كيفية صنعها، فبعث الله سبحانه وتعالى سيدنا جبريل كى يعلمه، فكان يصنع من الخشب ألواحًا ويلصقها بعضها ببعض ويسمرها بمسامير من الحديد، فكان القوم يسخرون منه ويقولون له قد تركت النبوة وصرت نجارًا. وقيل أن القوم أرادوا إشعال النار فى السفينة فلم تتأثر، فاستخدموا السفينة كحمام يقضون حاجتهم فيها إمعانًا فى الضرر والأذية لسيدنا نوح واستمروا على هذا الحال فترة طويلة، فاشتكى سيدنا نوح لربه هذا الفعل، فسلط عليهم الجرب والحكة، فكانوا يحكون جلودهم بشدة حتى يسيل منها الدم ولا يعرفون علاجًا لهذا المرض، وفى يوم خرج أحدهم ليقضى حاجته فى السفينة فتعثر وسقط فى الأوساخ الموجودة بها ثم خرج منها وذهب للاستحمام فوجد نفسه قد شفى تمامًا من المرض، فأخبر القوم بذلك فتسارعوا إلى السفينة كل منهم ليدهنوا أجسادهم، فعاودت السفينة نظيفة مرة أخرى، فكان أن جعلهم الله ينظفون أوساخهم بأجسادهم.

ولما تم بناء السفينة، أمر ربنا سبحانه وتعالى سيدنا نوح أن يحمل فى السفينة من كل زوجين اثنين وأهله، سيدنا نوح كان له أربعة أبناء وكانت زوجته اسمها (اليسه) علشان كده المراكبية لحد دلوقتى لما يركبوا المركب يقولوا (هباليسه)، كأنهم يدعونها للركوب وهى التى امتنعت عنه، ربنا سبحانه وتعالى حكم عليها هى وولدها أن يغرقا.
سيدنا نوح ركب المركب هو وأبناؤه الثلاثة وكان معه أربعة رجال مؤمنين، ثلاث رجال كل منهم له بنت والرابع لم يكن له أولاد، سيدنا نوح نادى على إبنه الرابع ليركب معه وقال له ﴿يَا بُنَىَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾ فقال ﴿قَالَ سَآوِى إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الْمَاء﴾ فقال له ﴿لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ﴾، ربنا سبحانه وتعالى قال لسيدنا نوح ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾...
هذا و من يريد المزيد
يذهب لزيارة ذلك الرابط
http://almagalla.info/2010/sep5.htm

الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

نسب النبى صلى الله عليه و سلم

نسبه لأبيه

روى البزار عن السيدة صفية رضى الله عنها أنها قالت: خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت على نفر من قريش فإذا هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية، فقلت: منا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: إن الشجرة لتنبت فى الكبا. قالت: فمررت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: (يا بلال، هَجِّرْ بالصلاة). فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (يا أيها الناس، من أنا؟). قالوا: أنت رسول الله. قال: (انسبونى). قالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال: (أجل، أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله، فما بال أقوام يبتذلون أصلى؟ فوالله لأنا أفضلهم أصلاً وخيرهم موضعاً). قال: فلما سمعت الأنصار بذلك قالت: قوموا فخذوا السلاح، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أغضب. قال: فأخذوا السلاح ثم أتوا النبى صلى الله عليه وسلم لا ترى منهم إلا الحدق، حتى أحاطوا بالناس فجعلوهم فى مثل الحِرَّة، حتى تضايقت بهم أبواب المساجد والسكك، ثم قاموا بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، لا تأمرنا بأحد إلا أبدنا عترته. فلما رأى النفر من قريش ذلك، قاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا وتنصلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس دثار والأنصار شعار) فأثنى عليهم وقال خيراً.

ونسبه الشريف صلى الله عليه وسلم كما روى بمحاضرة الأبرار لابن عربى قال: حدثنا مالك بن أنس عن الزهرى عن ابن خيثمة العدوى عن حبير بن مطعم عن أبى بكر الصديق قال:

هو سيدنا ومولانا مُحَمَّدُ صلى الله عليه وسلم / بن عَبْدِ اللهِ "الذَّبِيح" / بن عَبْدِ المُطَّلِب واسمه "شَيْبَة الحَمْدِ" / بن هَاشِم ويسمى "عَمْرو" / بن عَبْد مَنَاف واسمه "المُغِيرَة" / بن قُصَىّ واسمه "مُجَمِّع" / بن كِلاَب واسمه "حَكِيم" / بن مُرَّة / بن كَعْب / بن لُؤَىّ / بن غَالِب وكنيته أبو تَيِّم / بن فِهْر واسمه قُرَيْش / بن مَالِك / بن النَّضَر واسمه قَيْس / بن كِنَانَة / بن خُزَيْمَة ويكنى أبا أسَد / بن مُدْرِكَة واسمه عَمْرو / بن الْيَاس / بن مُضَر واسمه عَمْرو / بن نِزَار / بن مَعَد / بن عَدْنَان / بن أَدَد وهو الهَيْمَع / بن يُولَخ / بن سَالِف / بن عَامِر / بن مثِير / بن الصَيَّاح / بن عَوَام / بن مَرَام / بن يَشْخَب / بن كَعْب / بن نَابِت / بن إسْمَاعِيل عليه السلام / بن إبْرَاهِيم عليه السلام / بن تَارِح / بن نَاحُور / بن شَارُوغَ / بن أَرْغُوَ / بن فَالِخ / بن عَابِر وهو هُودٌ عليه السلام / بن أَرْفَخشذ / بن سَام / بن نُوح عليه السلام / بن لاَمَك / بن المُتَوَشْلِخ / بن أخنُوخ وهو إدريس عليه السلام / بن بَرَد / بن مَهْلاَيِيل / بن قَينان / بن آنُوش / بن شِيث / بن آدَمَ عليهما السلام.
و من يريد المزيد علية بزيارة ذلك الموقع
http://www.al-nabi.com/section_1a-1.htm